جدول المحتويات
في عالم تتضافر فيه جهود الذكاء الاصطناعي للاستحواذ على كل مهنة بشرية ؛ فإن قدرتك على الاقناع سيجعل منك ركيزة لايمكن الاستغناء عنها .
أن تقنع مديرك بأنك الموظف الذي يحتاجه ، أو تقنع العميل بأن منتجك هو ماكان ينقصه ، أو أن تلهم موظفيك ليستخرجوا أفضل ما لديهم ؛ هو مهارة لابد من اكتسابها خاصة في زمن العولمة والأرقام .
لم يعد الاقناع كما كان في السابق إحدى المهارات الناعمة التي يُعتبر تعلّمها أمراً ثانوياً ؛ بل تحول الى مهارة أساسية للحصول على مهنة ناجحة.
تعريفه :
يمكن تعريف الاقناع : بأنه علم ٌوفن ٌ يقوم المرء من خلاله بطرح المواضيع بشكل ملفت ، بهدف التأثير على الآخرين ودفعهم لإتخاذ قرار أو سلوك معين ، فهو مزيج من مخاطبة العقل والقلب ، يطلق عليه فن لانه يتطلب في تعلمه بعض المهارات الخاصة .
أيضاً يمكن تعريفه بأنه : مقدرةٌ يتمتع بها أشخاص يمتلكون موهبة خاصة تمكّنهم من تغير سلوكيات وقناعات وتصرفات شخص آخر.
فهو علم يحتاجه كل الناس ومهمٌ في الحياة اليومية ، كل ٌيستخدمه لتحقيق أهدافه حتى السياسيون منهم من يستخدمه وإن كان في الباطل لخداع تابعيهم ، يحتاجه البائعون مع المتسوقون ، يحتاجه المدراء مع موظفيهم ، يحتاجه المدرسون مع طلبتهم والطلبة مع مدرسيهم ، حتى الوالدين يحتاجونه في عملية تربية الأبناء سواء لتغيير قناعاتهم أو تغيير تصرفاتهم أو سلوكهم أو اهتماماتهم.
بداية علم الاقناع :
تاريخ أساسيات هذا العلم ومراحل هذا العلم هو جزء من هذا العلم ، حتى تستطيع أن تؤثر على غيرك يجب معرفة أنماط العقل ليتم توظيفه في عملية الاقناع ، فليس كل الخلق على سوية واحدة من التفكير والعقل.
تأثير التقافة اليونانية
- قديماً كان اليونانيون القدماء من أوائل الشعوب الذي عنَو بعلم المنطق والفلسفة والاقناع ، لذلك يعتبر أرسطو الأب الروحي لهذا العلم فقد ألف كتب عدة في هذه العلوم ، انتقلت كتبه الى العرب المسلمين الذي ترجموا كتبه الى العربية فاستفادوا منها وزادوا فيها ، برع في هذا العلم من العلماء المسلمين الفارابي وابن رُشد وابن سينا ، بعد أن بدأت أوروبا في عصر نهضتها أخذوا كتب أرسطو والفارابي وابن سينا وابن رشد وترجموا كتبهم الى لغاتهم لتظهر بعدها نظريات في تطوير هذا العلم .
تشير أبحاث العالم كيرت مورتنس الى عناصر عاطفية مثل الوفاء بالوعود والتحلي بالثقة وتحمل المسؤولية والصدق مع تقديم الحلول تعتبر عناصر مفيدة في الاقناع بل تعتبر مهارات أساسية للاقناع الناجح .
حيث لابد أن يتمتع المقنعون الناجحون بتقدير كبير للذات وذكاء عاطفي جيد وأن يتمتع بمهارة التعاطف وأن يكون مستمعاً جيداً. أنقر هنا لعرض مقال الذكاء العاطفي
التأثير والاقناع ضمن العمل :
تعد القدرة على التأثير وإقناع الآخرين جزءاً مهماً من القيادة والإدارة والعمل على كيفية القيام بذلك في الممارسة العملية قد يكون سهلاً عند البعض وقد يكون صعباً لدى كثير من الناس ، لذلك اعتمد العالم تيم بيكر بتطوير استراتيجيات للإقناع ذكرها في كتابه على نمطين مختلفين للتأثير هما الدفع والسحب ؛ ومنهجين مختلفين للتأثير ، هما : منطقي وعاطفي.
النماذج المختلفة لإستراتيجيات الإقناع
تطلب اسلوب الدفع بإعطاء الدوافع والمعلومات المفيدة من خلال الاقتناع بهذا الأمر والميزات والايجابيات في حال تم إقناعه.
- اسلوب السحب فيتطلب تقليل المخاطر والموانع وتذليل الصعاب حتى يتم الاقتناع.
- المنهج المنطقي فهو يناشد العقل وبالتالي فهو يعمل من خلال العقل ، يميل المقنعون المنطقيون الى الاعتماد على الحقائق والأرقام بينما طبقاً للمنهج العاطفي يعمل من خلال المشاعر وبالتالي يجذب القلب ويختار المنهج العاطفي.
فتيم بيكر اعتمد على أربع استراتيجيات مختلفة للتأثير وإقناع الآخرين ؛ بينما عالم النفس روبرت سيالديني اعتبر الاقناع بمثابة معركة لابد الخوض فيها والربح ، وعد ّ سبعة أسلحة تساعد في المعركة ، هي :
أسلحة تيم بيكر السبعة :
1 – التباين الادراكي :
كمن يطلب شخص ما طلباً كبيراً، ثم يطلب منك طلباً آخر لكنه أصغر وأسهل من الطلب الأول فتجد أن الطلب الثاني سهل التحقيق وهذا مبدأ مثير جداً من مبادئ علم النفس الفيزيائية ، مثال ذلك تجده في محلات الألبسة عندما تشتري طقم – بدلة جاكيت وبنطال – تجد البائع بعد ان تعتمد على نوع معين يعرض عليك الامور الكمالية من أحزمة وجوارب أو ربطات عنق ، فهنا نسبة اقتناع العميل وشراء هذه الكمالية نسبة عالية.
2 – التبادل :
هذا مبدأ إنساني مهم وهومن أهم القوانين التي قامت عليها المجتمعات البشرية من قديم الزمان ، حيث أن وجود المبادلة و الإلتزام بين الناس في المجتمع يمنح الانسان شعوراً بالأمان والثقة في أنه يستطيع أن يعطي وهو مطمئن لأن غيره سيبادره التصرف ذاته .
مثال ذلك الموظف الذي يعمل لساعات متأخرة وبدون مقابل ثم يطلب إجازة فهنا ما على المدير إلا الموافقة من باب أخلاقي لانه ممتن لذلك الموظف عندما عمل لوقت متأخر .
3 – الثبات و الإلتزام :
كأن تكون أقوال المقنع وأفعاله وقراراته كلها متطابقة ومنسّقة دائماً مع المبادئ والمعتقدات ، لأن الشخص الذي تخالف أقواله لأفعاله لا يُعتد به إنما هو بظر الناس منافق كذاب .
4 – البرهان الاجتماعي :
يعتمد معظم الناس في حياتهم الى إتباع رأي الأغلبية خاصة إذا وُجد إجماع ٌ من الناس على فكرة معينة أو منتج معين فبعض الناس تستجيب بدون تفكير لهذا الأمر ويمكن أن يسير مع القافلة ظناً منه أن هؤلاء الناس يستحيل اجتماعهم على خطأ لذلم مثل هؤلاء يسهل اقناعهم .
5 – المحبة والإعجاب :
الناس تميل وتنجذب الى الأشخاص المقربين أو الى الذين يجاملونهم ويمدحونهم حتى لو كانت المجاملة غير صحيحة أو مبالغ بها ،أو لربما يكون مشتركاً مع غيره بمشاعر معينة كالمعاناة أو الاضطهاد .
مثاله ؛ الاعجاب بالمشهورين والممثلين والرياضيين لذلك يتك استخدامهم كثيراً في الواجهات الاعلانية ، الإعجاب سلاح سري في الإقناع ؛ كلما أُعجبت بهم أكثر كلما زادت رغبتك في الاستماع لأفكارهم وقبولها .
6 – السلطة والمرجعية :
الناس تحترم أصحاب السلطات الفكرية والمرجعية في أمور معينة ، عندما يصبح الشخص خبيراً في موضوع ما ؛ فإن الناس سوف تقبل برأيه وموقفه بسهولة حتى لو كان الشخص لايمتلك لأي من الخبرات فقط أن تضعه في مكان معين سوف ترى كمية من الاحترام له .
يُضرب لذلك مثل : شخص أمي من العامة لايعرف القراءة والكتابة إذا وضعته في مشفى وألبسته لباس الأطباء لرأيت الناس جميعاً يبادرونه بالتحية والاحترام ولربما أخذوا بكلامه إذا تكلم بنصيحة طبية ، ذلك أن شكله ووقعه يعطيه السلطة ولو كانت كاذبة .
7 – الندرة :
الناس تعطي ثمناً أعلى للأشياء النادرة ، مثلاً النفط يرتفع سعره عندما ينخفض انتاجه ، في هذا السلاح من الاقناع لايكفي أن تقنع الناس ماذا يربحون بل أيضاً تبين ماذا يخسرون إذا لم يحصلوا على هذا الشيئ ،
أمثلة ذلك تكثر في مجال المبيعات : الكمية محدودة – عرض لفترة محدودة – آخر أيام التخفيضات ……
هناك مثل يقال : ندرة الشيئ أو قلة وجوده دائماً تزيد من قيمته ويجعله مرغوباً بشكل كبير .
عوامل تساعد في عملية الاقناع :
- اعرف مع من تتكلم ؛ فمعرفة الشخص المستهدف ضرورة في الاقناع وتقديم الحجج وذلك يختلف من شخص لآخر فالأشخاص ذوي النشاط والطاقة العالية يختلفون عن الاشخاص العاديين .
- التواصل بأسلوب مناسب حيث يميل الناس لقبول أفكارك بشكل أكبر إذا تم توافق بينك وبين الأشخاص الذين تريد إقناعهم بفكرتك ؛ يكمن السر في ذلك بتجنب الخوض في جدالات عديمة النفع ومعارك وهمية ، لا تنسا أن الشخص الذي تحاول إقناعه هو شخص عادي ليس نداً أو منافساً لك وهنا يكمن الفن في عملية الإقناع .
- تجنب الأسلوب الهجومي حيث أن الأشخاص المقنعون يميلون لطرح أفكارهم بكل ثقة وحزم بعيداً عن الانتهازية والعدائية.
- يجب ألا تكون جباناً في طرح أفكارك وألا تكون ألفاظك ركيكة ، لابد أن تكون واثقاً مما تقول ، احرص على عرضك لأفكارك كأنها حقائق مثيرة وذلك لجذب انتباه الطرف الآخر.
- التركيز على لغة الجسد فهي تساعد في عملية الاقناع سواء كانت إيحاءات أو تعبيرات لوجهك أو نبرة صوتك كل ذلك سيجعل من الطرف الآخر منجذباً لما تقوله مع الحفاظ على الاتصال البصري.
- إختيار الوقت الصحيح لإتباع طرق الإقناع والتأثير ذلك أن الرفض يزداد في حال الغضب.
- الصدق في الطرح والصراحة فهذه الأشياء مفاتيح الإقناع الفعال.
- كن واضحاً وافهم ماتقول ، فالأشخاص المقنعون يستطيعون نقل أفكارهم بسرعة وبشكل واضح وجلي بمعنى ؛ فهمك الراسخ لما تقول سيمكنك وبكل سهولة من عرض أفكارك وتفسيرها للآخرين.
- التسهيل للأمر المراد الإقناع به فكلما ساعدنا الناس على اتخاذ القرار وكلما كان بسيطاً وسريعاً للتنفيذ كلما كا سهلاً في الإقناع .
- استخدام القصص والحجج المقنعة فهي من أقوى الأمور المساعدة في الإقناع ؛ نذكر أن القرآن الكريم ثلثه قَصص ولم يذكر الله سبحانه ذلك عبثاً أو تعريفاً بالتاريخ إنما جاء ذلك من أجل الإقناع وإقامة الحجة.
-
نذكر في هذا المجال ماحدث لإبراهيم عليه السلام عندما جادل الطاغية في ربوبية الله تعالى ، ذكر ابراهيم عليه السلام أنّ الله يحيي ويميت فأستخف ّ به الحاكم وقال أنا أُحيي وأُميت بأن أقتل من أشاء وأعفو عمن أشاء . فأتاه ابراهيم عليه السلام بحجة أعظم لا مجال لردها ب أن الله يأتي بالشمس من المشرق فَأْتِ أنت بها من المغرب . عندها بهت هذا الكافر واحتار في أمره لقوة الحجة عند ابراهيم عليه السلام
معوقات الاقناع الناجح :
- كما أنه يوجد عوامل مساعدة لنجاح عملية الاقناع يوجد عوامل تؤدي الى فشل عملية الاقناع منها :
- عدم بذل الجهد المطلوب للحصول على ماتريد والخوف من الرفض أثناء عملية الاقناع .
- كثرة الكلام والتكرار الغير مفيد وعدم الاستماع الجيد للطرف الآخر .
- النفاق والكذب في الإقناع بشئ ما فالناس تستطيع التمييز بين الصحيح والباطل .
- المبالغة بالغرور بنفسك في عملية الاقناع وعدم تطوير أساليب الاقناع وعدم دراسة الشخصية جيداً .
ما الذي يجعل من مجموعة الإباء شريكاً تعليمياً مناسباً ؟
فور انضمام الطالب الى أسرة مجموعة الإباء سنتمكن من التعرف عليه وعلى تخصصه الأكاديمي وسبل تطويره أكاديمياً ومهنياً من خلال البقاء على تواصل دائم معه و مع جميع طلبتنا، فبالإضافة الى أننا نقوم بإنشاء المحتوى المرئي والنصي إلا أننا نهتم أيضاً بتزويدهم بمواعيد ورش العمل والدورات المهنية التي من المحتمل أن تزيد من خبراتهم وتعمل على تقوية شبكة علاقاتهم الإجتماعية مما يساعدهم في كسب مزيداً من الخبرات.
مجموعة الإباء ليست مجرد شركة استشارات تعليمية إنما نعمل على تهيئة جيل الشباب لكسب الثقة في نفسه.