كثيراً ماسمعنا من أشخاص معروفين لدينا أنهم كانوا يقولون : لو أن كمبيوتري  فُقِد ، فإن حياتي تكون قد انتهت ! وآخر يقول لو أضعت هذه الذاكرة الصغيرة لتوقفت مسيرتي المهنية ! 

يقولون ذلك لأنهم اعتمدوا على تخزين ملفاتهم الهامة داخل هذا الشئ.

نقول :  مع تقدّم العلوم وفي ظل الثورة الرقمية ظهرت مايُسمى بالحوسبة السحابية فلم يعد مايخشاه المرء لا على ملفاته ولا بياناته ، نتكلم في مقالتنا هذه عن علم ٍ انتشر في السنوات القليلة الماضية بشكل كبير كما أنه في المستقبل القريب سيكون له شأن ٌ عظيم ، فأغلب الشركات ستعتمد على هذا النظام في تخزين بياناتها وإدارتها ومعالجتها ، وذلك لعدة أسباب سنوردها في مقالتنا .

غيّرت الحوسبة السحابة كل شئٍ في حياتنا الواقعية حيث يمكن العثور على بنية السحابة في كل بيئة محيطة بنا .

يعمل نظام الحوسبة السحابية على تخزين الملفات والتطبيقات في مكان ما  أو في مساحة افتراضية قد تكون متنقلة وقد تكون ثابتة ( وهذا سبب تسميتها سحابة )  يمكن أن يعمل هذا النظام عن بعد يُمكن للمستخدم أن يصل الى بياناته عبر الانترنت من أي مكان كان.

تعريف الحوسبة السحابية : 

هي منصة تتيح للمستخدمين إمكانية الوصول الى التطبيقات والخدمات والبيانات عبر الانترنت مما يعني الاستغناء عن السيرفرات التقليدية ووحدات التخزين والأرشفة ، يمكّن المستخدمين من العمل في أي مكان مع الحفاظ على أعلى خصوصية في البيانات والمعلومات بالنسبة لكل مستخدم .

إن موجة الابتكارات التقنية الأخيرة أسهمت في ظهور مفهوم عام يُعرف بإسم الحوسبة السحابية وسط بيئة تسودها تكنولوجيا الحاسبات الآلية ، أسهمت هذه التكنولوجيا في إزالة الحواجز بين الصناعات والدول والشركات ومقدّمي الخدمات والشركاء والمنافسين والموظفين 

التطورات التكنولوجيا المتسارعة وضعت أمام الشركات والمدراء مجموعة من التساؤلات عن كيفية إدارة التغيير القائم على التكنولوجيا في مجال العمل والتوظيف .

فبعد انتشار مصطلح الحوسبة السحابية والتطورات الحاصلة على الخدمات المقدمة من مزودي الخدمة ؛ دخلت في العديد من المجالات والمواقع والشركات العامة والخاصة ، بدأ أصبحاب الشركات الكبرى باستقطاب الاسم وعملوا على تطويره للاستفادة منه في أعمالها 

وللمرابحة منه من خلال طرحه كمزويدي خدمات لما يعرف بالحوسبة السحابية كشركة غوغل ومايكروسوفت وأمازون وغيرها من الشركات العملاقة.

من هي الفئة المستهدفة لاستخدام الحوسبة السحابية ؟

تقدم الشركات التقنية خدمات الحوسبة السحابية عبر الانترنت الى جميع العملاء من مبرمجين ومطورين وشركات ليُستفاد من قدرات وإمكانية المنصة المميزة ، دون الحاجة إلى شراء أجهزة مرتفعة الثمن أو الى تنصيب البرامج على حواسيبهم في العمل وزيادة الضغط على السيرفر الخاص لقواعد البيانات على الشركات . 

فالفائدة المرجوة هو توفير المال في شراء البرامج الضخمة وإنشاء بنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات الخاصة  والاستعانة بسيرفرات خاصة مع أنه قد لايستفاد إلا ب 10 % من تطبيقاته  وقد يكون ذلك مكلفاً جداً من حيث القدرة المالية ، بينما في السحابة تأخذ من البرامج ماتحتاجه فققط والدفع يكون على قدر ووقت الاستخدام ، يمكن الاستعانة بخوادم وسيرفرات خارجية سحابية تساهم في حلول التخزين مع توفير الشبكات اللاسلكية .

أضف الى ذلك المشاكل التي قد تظهر في السيرفرات الخاصة فيما يتعلق الامر بنظام تكنولوجيا المعلومات أو ظهور مشاكل في السيرفرات أو تعطل النظام على سطح المكتب فعند ذلك يتم استدعاء المختص لاصلاح الخلل ، بينما العمل ضمن الحوسبة السحابية لايمكن حصول مثل هذا الأمر ، العمل ضمن الحوسبة السحابية يكون بشكل استباقي يتم إدارة عمليات تكنولوجيا المعلومات والأمن الخاص بالمعلومات والبنية التحتية . 

الشركات التي تقدم خدمات الحوسبة السحابية تقدم البنية التحتية المميزة للمعلومات للعديد من الخدمات السحابية وأدوات لإدارة هذه البنية ، من أمثلة هذه الخدمات : الحسابات وتخزين البيانات والتطبيقات مع تطويرها ، بالاضافة لمرونة في العمل وسعة تخزينية عالية قابلة للزيادة مع ضمان لأمن المعلومات لهذه البيانات على منصتهم ، وحمايتها من الاختراق أو الضياع .

تسمح هذه الشركات للعملاء بتخزين بياناتهم على خوادم لا مركزية في عدة مناطق جغرافية موزعة بشكل منظم بحيث يمكن الوصول إليها في أي وقت تحتاجه مع ضمان عدم حدوث أي انقطاع بشكل مفاجئ .

نماذج الحوسبة السحابية : 

يمكن تقسيم الحوسبة السحابية لثلاث نماذج أساسية هي  :

• البنية التحتية كخدمة : 

هي مركز خدمات البيانات الافتراضي بحيث يتم تزويد العملاء بسيرفرات ووحدات تخزين افتراضية ولمساحات تخزينية على مساحات تخزين سحابية ، من أهم ميزات نموذج البنية التحتية هي توفير شراء السيرفرات وتوفير الجهد المبذول في إدارتها وصيانتها والمرونة في تكلفة الخدمة حسب الاستخدام .

• النظام الأساسي كخدمة :

هي خدمة مصممة للشركات والمطورين الذين يهتمون بإنشاء تطبيقات مختلفة دون أي تفكير بالبنية التحتية ، هذه الخدمة توفر للمطورين إطار كامل مثل قواعد البيانات والخدمات اللازمة لتشغيلها .

• البرمجيات للخدمة : 

هي تطبيقات وبرامج مصممة خاصة جاهزة للستخدام مثل نظام الموارد البشرية والمحاسبة ، يتم استخدامها عبر المتصفح مقابل رسوم شهرية ، تستطيع الشركات والمؤسسات أن تحصل على الذي يناسب أعمالها من برامج وتطبيقات جاهزة على السحابة دون الدخول في تفاصيل البرمجة والصيانة والبنة التحتية وتحمل تكاليفها . 

تأثير الحوسبة السحابية على الوظائف مستقبلاً :

صحيح أن الحوسبة السحابية ستؤدي الى اختفاء عدد من الوظائف التقليدية التي تتطلب مهارات متوسطة إلا أنه سيفتح المجال الى ظهور وظائف ذات مهارات إبداعية عالية المستوى . 

إلا أن بعض الباحثين متخوفين من تأثير الأتمتة على الوظائف لأن ذلك يقضي على كثير من الوظائف التي يمكن التخلي عنها لان المهارات التي يتمتع بها أكثر العمال لا تتلائم مع المهارات المطلوبة في سوق العمل الحالي بالاضافة الى الأحداث المتعلقة بالتجارة العالمية والأزمات المالية مع انتشار وباء covid -19 فإن كل هذه الاحداث لعبت دوراً مهم في إعادة التفكير لدى أصحاب المهن والشركات للاستفادة من الحوسبة السحابية وتمكينها في عملهم بشكل أكبر وتحجيم الأفراد في العمل

فوائد الحوسبة السحابية : 

انخفاض في تكلفة البرامج والتطبيقات الخاصة حيث تلغي الحوسبة السحابية النفقات الزائدة لشراء الأجهزة والبرامج وإنشاء مراكز البيانات في الموقع وتشغيلها التي تتطلب رفوف للخوادم وكهرباء على مدار الساعة للطاقة والتبريد مع خبراء تكنلوجيا لإدارة البنية التحتية .

1.  القدرة على التوسع بمرونة : يعني تقديم المقدار المناسب من موارد تكنولوجيا المعلومات وعرض النطاق الترددي مباشرة عند الحاجة ومن الموقع الجغرافي الصحيح .
2.  أداء مميز ؛ حيث تعمل أكبر خدمات الحوسبة السحابية على شبكة عالمية من مراكز البيانات الآمنة والتي يتم ترقيتها بإنتظام الى أحدث جيل من أجهزة الحوسبة السريعة والفعّالة .
3. السرعة في الأداء ؛ يتم توفير معظم خدمات الحوسبة السحابية ذاتياً وعند الطلب ، لذلك يمكن توفير كميات هائلة من موارد الحوسبة في دقائق مما يمنح الشركات الكثير من المرونة .
4. إنتاجية أفضل وذلك لأن مراكز البيانات في الموقع عادة تتطلب الكثير من الوقت والجهد لأعداد البرامج وتصحيحها وغير ذلك من الأعمال الروتنية لإدارة تكنولوجيا المعلومات التي قد تستغرق وقتاً ظويلاً بينما تلغي الحوسبة السحابية الحاجة الى العديد من هذه المهام ، لذلك يمكن استغلال كل هذا الوقت في تحقيق أهداف عمل أكثر إنتاجية . 
5.  الموثوقية : حيث تعمل الحوسبة السحابية النسخ الاحتياطي للبيانات لتتجنب خطر ضياعها ، كذلك في الحوسبة استمرارية الأعمال أسهل وأقل تكلفة حيث يمكن نسخ البيانات في عدة مواقع متكررة على شبكة مزود الخدمات السحابية . 
6. الأمان : الشركات التي تقدم خدمات مزودي الحوسبة السحابية تتمتع بتقنيات عالية من ناحية الأمن بحيث يساعدها في عدم الاختراق ، وبالتالي فإن ذلك سيساعد على حماية بياناتك وتطبيقاتك الخاصة من تهديد الاختراق . 

يتعامل الناس مع ثلاث أنواع للسحابة التي توفي الخدمات للعملاء مثل السحابة الخاصة والسحابة العامة والسحابة الهجين التي تجمع بين الخاصة والعامة . 

ولمّا كانت الشركات وروّاد الاعمال متجهين لا محالة الى اعتماد النظام الجديد في العمل من خلال بوابة الحوسبة السحابية فإن ذلك يفتح مجالات عدة للوظائف المستحدثة في ظل هذه التغيرات والتطورات ولابد من توافر موظفين ذوو كفاءة عالية في هذا المجال 

المهارات التي يجب توفرها في مهندسي الحوسبة السحابية : 

قلنا أن الحوسبة السحابية أصبحت من أكثر التقنيات شيوعاً مع ارتفاع الطلب على المهنين المؤهلين ، لذلك يجب أن يتمتع المرشح لهذا العمل بعدة من المهارات منها : 

1. التشفير وإدارة قواعد البيانات : 

   يتم التعامل ضمن الحوسبة السحابية في إدارة قواعد البيانات بشكل مختلف حيث يتطلب المهارة والسرعة والاتقان ، تسمح السحابة للمبرمجين بإنشاء واستضافة وتنفيذ التطبيقات التي يمكن توسيع نطاقها بشكل أسرع ، فه يتعاملون مع كميات كبيرة من البيانات الحديثة كل وقت فالسحابة تفتح بعداً جديداً في تطوير البرمجيات . 

2. الإلمام بالذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة :

   ذلك أن جزء ً كبيراً من السحابة يتم إنشائها بإستخدام تطبيقات لا تتطلب إشرافاً بشرياً ، تعتمد على روبوتات المحادثة مع مساعدين افتراضيين ، يعد ذكاء الاعمال و انترنت الأشياء الذكية جزء ً من الشبكة البينية المعقّدة التي يجب على مهندسي السحابة إدارتها .

3. الإلمام بأتمتة المعلومات :

   الأتمتة جزء ٌ رئيسي من البنية التحتية للسحابة ، يتم تنسيق العديد من المهام بدلاً من مهمة واحدة ، تعمل على تنسيق كيفية إكمال مكونات السحابة لمهامها بآن واحد . 

4. فهم عمل موفري الخدمات السحابية :

   يجب على مهندسي الحوسبة الالمام بالخدمات المقدمة من كل شركة توفر الخدمة ذلك لتحقيق أقصى استفادة من كل مزود بما يفيد العملاء . 

5. التخزين السحابي :

   الالمام بكيفية التخزين بالسحابة بناء على نوع وحجم البيانات التي تريد الشركة استخدامها وتخزينها .

6. الشبكات :

   فهم أساسيات الشبكات العادية والافتراضية حيث ترتبط الشبكات بالحوسبة السحابية ، يتم مشاركة موارد الحوسبة المركزية للعملاء عبر السحابة لذلك لابد من تدريب جيد لإدارة الشبكة داخل السحابة .

7. تعلّم المعرفة الافتراضية :

   تلعب الافتراضية دوراً مهماً للغاية في إتاحة موارد قابلة للتطوير مثل الاجهزة الافتراضية بدون خادم .

8. التعلّم على برنامج Linux :

   تعتمد أغلب شركات مزودوا الخدمة بأجزاء كبيرة منه لانه يعتمد على هندسة الخوادم في السحابة .

9. الإلمام بأمن المعلومات :

   السحابة معروضة بشكل خاص ذلك أن سطح التهديد واسع جداً لذلك وجب حمايتها من أي تهديد أو اختراق .

10. الفهم في خدمات الويب :

    تستند أبنية السحابة بشكل كبير على واجهة برمجة التطبيقات وخدمات الشبكات ، يجب امتلاك الخبرة في العمل على مواقع الويب والمعرفة في ذلك يساعد على تطوير البنى السحابية . 

11. مهارات في البرمجة والتطوير :

    يحتاج المطورون الى مهارات برمجة ممتازة تمكنهم من إنشاء التطبيقات ونشرها وإدارتها بسرعة .