جدول المحتويات
كلمة النقد تدل في العموم على كشف زلات الآخرين وأخطائهم وعيوبهم ، فهو نوع من أنواع التعبير الذي يستهدف الأفعال والأقوال سواء كانت إيجابية أو سلبية.
عملية النقد صعبة على النفس البشرية لا تتقبلها بسهولة ذلك أن النفس البشرية تميل دائماً الى الثناء والمدح والتقدير وتكره أن تُوَجه لها الانتقادات التي تبحث في زلات الامور.
النقد في الغالب تعبير عن رفض شخص أو رفض لتصرفاته وأفعاله واعتبارها من الاخطاء التي يجب أن تُصحح.
يكون النقد مفيداً إذا وقع في مكانه الصحيح وكان أسلوب الناقد راقياً مستنداً الى حجج وبراهين صحيحة وبذات الوقت مفيدة للعمل ؛ ومن الممكن أن يكون النقد مؤلماً إذا كان النقد غير صحيح مستهدفاً للشخص لا للفكرة منتقداً لمجرد الانتقاد دون فائدة تُرجى.
حتى أنه في ديننا الحنيف قد حدد أصولاً وضوابط للناقد يجب أن يتقيد بها في نقده للآخرين حيث بيّن أنه يجب أن يتقي الله تعالى في نقده وألفاظه ، ويُخلص النية لله تعالى متجرداً عن الهوى وحظ النفس ، لا يتكلم إلا بعلم وعدل وإنصاف ويقدم حسن الظن عن سوء الظن ويوازي بين المحاسن والمساوئ ويجعل لكثرة الحسنات قوة في اعتبارها.
النقد إن كان مفيداً وفي مكانه إذا صحبته بصفة ٍ جميلة هي ( البنّاء ) عندها ينقلب النقد الى نقد سحري تتقبله النفس البشرية، بل وتتفاعل معه من أجل التطوير والتحسين.
تعريف النقد البنّاء :
هو عملية تقديم آراء صحيحة ومعقولة حول عمل الآخرين ، تتضمن تعليقات إيجابية وسلبية لكن بطريقة ودّية.
التعامل مع النقد بشكل إيجابي مهارة حياتية مهمة يمكن اكتسابها بالتعلّم يجب تنميتها عند جميع الافراد حتى تسهل الحياة بشكل أفضل.
يتطلب الانتقاد بشكل إيجابي الثقة بالنفس وإحترام الذات لأنهما عاملان مهمان لكي لا يتحول النقد الى نقد مدّمر.
يقول ديل كارنيجي : يمكن لأي شخص أن ينتقد أو يدين أو يشكو ، لكن الأمر يتطلب الشخصية والتحكم في النفس لكي يكون متفهماً ومتسامحاً ، من الضروري أن تضع أمام عينيك كيف ستكون حالتك عند صدور ردود أفعال سلبية من الشخص الذي تنتقده وكيف سيكون شعورك وقتها .
لذلك يجب اختيار الطريقة الافضل في عملية النقد لما لها من تأثيرات جانبية في الحياة ، يمكن الاستفادة من النقد واستخدامه لصالحك عندما تكون متحكماً جيداً بشخصيتك .
يجب في النقد البنّاء أن يقدم الشخص المنتقد من خلاله النصائح والملاحظات الهادفة لتحسين الفكرة المنتقدة ، يجب إبراز نقاط القوة قبل نقاط الضعف مع تقديم النصائح الإرشادية لإصلاح الخطأ والتغلب عليه.
شروط الناقد البنّاء :
- يجب أن يكون صاحب اختصاص وعلى علم ودراية بموضوع النقد .
- يجب أن يكون محايداً غير متحيز الى رأي دون رأي آخر .
- يجب أن يتصف بالأمانة والصدق .
- يجب أن يكون قادراً على إظهار سلبيات العمل وايجابياته المختلفة .
- يجب أن يكون مدركاً ومتفهماً للموضوع المقدم على انتقاده
هل يعتبر النقد صحياً في مجتمعنا ؟
النقد البنّاء صحي وضروري جداً ، يتم التعرف من خلاله على نقاط الضعف وأماكن الخطأ في أقوالنا وأفعالنا .
النقد البنّاء فن مكتسب يمكن تعلمه وتطوير أساليبه ، في الدول المتقدمة تم اعتماده ضمن برامج التعليم وأصبح ركناً أساسياً في مختلف العلوم والدورات بحيث يخصص بعد كل محاضرة وقت يُتاح للمشاركين إبداء الرأي دون مجاملة ودون أن يُؤخذ النقد على أنه شخصي أو اهانة.
كذلك يمكن أن يكون من أهم أسباب تقدّم الامم والمؤسسات ، لذلك يجب تشجيع النقد البنّاء الذي يعود بالفائدة على الافراد من خلال سماع الاقتراحات والانتقادات القابلة للتنفيذ الموجهة للأفكار وتكون مفيدة بنفس الوقت .
يعتبر النقد البنّاء طريقة مفيدة لإعطاء الملاحظات التي تقدم اقتراحات ونصائح قابلة للتنفيذ وهي تعد جزء من تنفيذ استراتيجيات التحسين لمساعدة الموظفين على تحديد أهدافهم وتحقيقها.
نصائح لا بد من مراعاتها أثناء توجيه عملية النقد :
- لابد أن يكون النقد البنّاء خلال مواجهة للشخص فلا تصلح أن تكون موجهة بخطاب عبر البريد الالكتروني أو بورقة لأن ذلك يفقد كثير من إيجابية نبرة الصوت عند المواجهة .
- لابد من مصاحبة حالة من الهدوء عند توجيه النقد البنَاء والفعال بحيث يفهم الشخص الآخر أن تقدك له نوع من أنواع الساعدة وليست فقط للهجوم على شخصك .
- يجب على الناقد التحدث بتعاطف وود وأن يكون النقد واضحاً.
- يجب استخدام لغة مفهومة في عملية النقد وذلك بإعطاء أمثلة واضحة تبين فيها الخطأ.
- عليك أن تمنح الشخص الآخر فرصة للتوضيح فقد يكون تفسيره منطقياً لمشكلة قمت أنت بتفسيرها بشكل مختلف وخاطئ.
- يجب تقديم الاقتراحات والحلول المفيدة مكان وجود الخطأ الذي يجب تلافيه .
- عند توجيه النقد للشخص الآخر اعرض عليه الدعم والمساعدة أثناء التغيير لأن ذلك سيدعم من موقفك في تقبل النقد.
- الناس بطبيعتهم البشرية يصيبون ويخطؤون ، يجب على كل شخص أن يتعلم من خطأه وأن يكون مستعداً لسماع النقد كذلك مستعداً للتغيير ما إذا كان النقد في مكانه الصحيح ، يجب التمييز ما إذا كان النقد بنّاءاً إيجابياً أو إذا كان النقد سلبياً هدّاماً غايته فقط النقد أيضاً علينا تقبل الرأي الآخر واستخدام النقد بحكمة وتجربة علمية تقدم من خلاله البراهين والأدلة .
- النقد يفيد في تحسين مهارات التعامل مع الآخرين.
الفرق بين النقد البنّاء والنقد السلبي :
- النقد البنّاء يتم استخدام أساليب علمية مقنعة مدعومةً ببراهين وحجج علمية ، بخلاف النقد السلبي الذي ينتقد ويعترض لمجرد النقد .
- يلمّح الناقد في النقد البنّاء عن الخطأ قبل التصريح بالنقد خاصة إن كان النقد موجهاً للشخص بين مجموعة من الناس ، بينما في النقد السلبي همُّ الناقد الانتصار للذات وإثارة الفضيحة في العلن .
- في النقد البنّاء يكون الاستهداف للفكرة بتوضيح الايجابيات والسلبيات ، أما في النقد السلبي يتم النقد للأشخاص والتركيز على الجانب السلبي للفكرة .
- في النقد البنّاء يتم طرح بدائل من أجل التطوير أما في النقد السلبي لا يهمه إلا توجيه الانتقاد دون حلّ .
- النقد البنّاء مرحلة من مراحل العمل والإنجاز لأنه يعتمد على المناقشة دون التعصب لرأي بينما في النقد السلبي يقف عند النقد .
- يتم الفصل بين الافكار المختلفة التي ليس لها علاقة بالموضوع في النقد البنَاء بحيث كل فكرة لها رأي خاص بها ، أما في النقد السلبي لانه يتم توجيهه للأشخاص لا للأفكار فإنه يتم رفض باقي الأفكار حتى لو كانت مواضيعها منفصلة وإيجابية.
يقول الدكتور كليفورد لازاراس : عليك الفصل مابين النقد البنّاء الذي يصدر في العادة عن أشخاص محبين ، وبين النقد الهدّام الذي يؤذي الاشخاص ولابد من التمييز بينهما ؛ فالنقد الهدّام هو نقد سلبي يأتي بصيغة عدوانية يدل على مشكلة نفسية بشخصية الناقد .
أما في النقد البنّاء فهو نقد إيجابي يكون مثمراً ومفيداً وبالذات إن كان ضمن نطاق العمل الواحد فهو يساعد غلى الاستقرار واستمرار النجاح .
تقول الكاتبة والطبية إلسون أبرامز : من واجبنا حماية أنفسنا من النقد الهدّام ومحاولة التأقلم معه وتجاهله إذا أمكن لأننا قد نكون محاطين بأُناس لايرغبون في تقديم الدعم لنا إنما تكون رغبتهم تدميرنا أو على الأقل إحباط مساعينا والتقليل من نجاحنا .