يعد العلماء اليونايين القدماء أول من تكلم بعلم التفكير النقدي فقد كان العالم اليوناني سقراط استاذ التفكير النقدي في تاريخ البشرية حيث كانت محمور اهتماماته تحدي الأفكار المطروحة والمسلّمات الفكرية والعادات الاجتماعية ، فقد اعتبر أن الفلسفة تبدأ من إكتشاف أسس الحكم على الأمور واعتبر الحكم مايتطلبه فهم عميق وسداد في الرأي ودقة في التقييم .وهذا ماتوافقت عليه تعريفات التفكير النقدي في العصر الحديث.

تعريفه :

يمكن للتفكير النقدي أي يشتمل في تعريفه على عدة جوانب ؛

• فمن الجانب التحليلي يمكن أن يكون بتحليل الحقائق وتنظيم الأفكار والدفاع عن الآراء مع عقد المقارنات والخروج بالاستنتاجات .
• أما من الجانب الفلسفي فهو ملكة ذهنية يعتبرها البعض غريزة هادفة وواعية وإرادية تكون وليدة التعليم والتدريب والانضباط الفكري.
• ومن الجانب المعلوماتي فهي التركيز على تنمية مهارات التعامل مع كثرة المعلومات المتوفرة في ظل الثورة الرقمية في كيفية تحليلها وتركيبها وتنظيمها وإعادة بنائها وتقييمها ومعرفة الصحيح منها .
• أما من الجانب المعرفي فيمكن تعريفه بأنه مهارة تقوم على تنمية الوعي والمعرفة بتسليط الفكر على التفكير ذاته ، والتعرف على استراتيجياته وأنماطه فالتفكير في التفكير يُكسب الفكر قدرة على التوجه الذاتي الذي يشمل الانضباط الذاتي والتصويب الذاتي والرقابة الذاتية.

فهو مهارة واسعة يمكن تطبيقها على العديد من المواقف المختلفة بمعنى هي عملية مقصودة نستخدمها بوعي عند مواجهة قرارات مهمة.

أهمية التفكير النقدي : 

قلنا أن التفكير النقدي هو مهارة تفكير عامة لجميع المجالات لذلك تظهر أهميته في عدة جوانب :

1. القدرة على التفكير بوضوح وعقلانية لحل جميع المشاكل بشكل منهجي فهو أحد الأصول لأي مهنة لذلك يقّدر أصحاب العمل من تتوافر لديهم مهارة التفكير النقدي ويمكنهم الوثوق بهم لانهم يساعدونهم على اتخاذ القرارات بشكل صحيح.
2. يعمل التفكير النقدي على تحسين قدرات الفهم فالتفكير بوضوح ومنهجية يؤدي الى تحسين الطريقة التي نعّبر بها عن أفكارنا. 
3. يعزز التفكير النقدي في اقتصاد المعرفة العالمي المدفوع بالتكنولوجيا والمعلومات الكثيرة فيجب على المرء أن يكون قادراً على التعامل مع المتغيرات بسرعة وفعالية  إذ يترتب عليه تحليل المعلومات ودمج مصادر المعرفة المتنوعة في حل المشاكل.
4. يلعب التفكير النقدي دوراً مهماً في تقييم الأفكار الجديدة واختيار الأفضل منها وتعديلها إذا لزم الأمر فصاحب التفكير النقدي يأخذ من الأفكار ماهو مفيد وكل ماله علاقة بالمهمة المطروحة لذلك تجد عند صاحب التفكير النقدي حلول إبداعية في كثير من الأحيان.
5. يوفر التفكير النقدي الأدوات اللازمة لعملية التقييم الذاتي ، حتى تعيش حياة ذات مغزى لابد من تنظيم حياتنا والتفكير في قراراتنا.
6. التفكير النقدي الجيد هو أساس العلم والديمقراطية ، القرارات السليمة في القضايا العامة التي تخص المواطنين والسياسات الداخلية والخارجية يجب أن تكون خاضعة الى نقد فكري سليم تصلح لجميع الناس.

المهارات التي يتمتع بها صاحب التفكير النقدي : 

الشخص الذي يعرف الكثير من الحقائق ليس بالضرورة أن يكون جيداً في التفكير النقدي ، مهارة التفكير النقدي تستخدم في كشف المغالطات والتفكير السيئ لذلك التفكير النقدي يساعدنا في اكتساب المعرفة وتحسين نظرياتنا وتقوية الحجج ، يمكن استخدام التفكير النقدي لتعزيز إجراءات العمل وتحسين المؤسسات الاجتماعية.

يستطيع الشخص الذي يتمتع بمهارات التفكير النقدي القيام بمايلي : 

• فهم الرابط المنطقية بين الأفكار.
• كشف التناقضات والأخطاء الشائعة في التفكير.
• حل المشاكل بشكل منهجي.
• تحديد أهمية الأفكار.
• التفكير في تبرير معتقدات المرء وتقييمها.

إذاً التفكير النقدي جزء لا يتجزأ من الإبداع لأننا نحتاج التفكير النقدي لتقييم أفكارنا الإبداعية  وفق قواعد العقل والمنطق لذلك التفكير النقدي يتوافق تماماً مع التفكير خارج الصندوق.

أركان التفكير النقدي : 

يشمل  التفكير بشكل صحيح على ثلاثة أركان :

المبادئ الاساسية للتفكير : 

إذا أردنا التفكير بشكل صحيح فنحن بحاجة الى اتباع قواعد التفكير الصحيح مثل قوانين المنطق وأساليب التفكير العلمي ، كذلك يجب علينا تعلم بعض المغالطات النموذجية التي مرّ بها الناس وعدم التحييز للأهواء 

الممارسة والتطبيق : 

بمجرد معرفة المبادئ التي تميز التفكير الجيد من التفكير السيئ لا يكفي ، لأن المعرفة النظرية بحاجة الى تطبيق عملي وإلا لايوجد فائدة من التعليم في هذا المجال .

من الضروري تعلّم المبادئ الأساسية للتفكير النقدي واستيعاب المبادئ النظرية لكن الأمر يحتاج الى تطبيق وإسقاط على الحياة العملية حتى يكون علماً نافعاً ، يتم ذلك من خلال الممارسة في الحياة اليومية بإجراء مناقشات مع أشخاص آخرين أو إجراء عملية تفكير عميقة داخل عقله وإقامة روابط بين الأفكار للوصول الى الحقيقة الكاملة .

الموقف وإتخاذ القرار : 

إن صاحب التفكير النقدي عندما يصل الى الحقيقة بعد الكشف عنها مالم يكن بها مغالطات مرتبطة ، من خلال الطرق التي اتبعها في تطبيق مهاراته ، عليه أن يسعى الى إكتشافها وإثباتها وتقديمها للعلن ، عليه ألا يكتفي بالاكتشاف والمعرفة إنما تبنّي موقفاً واضحاً مما تعلمه ، يجب أن يكون على استعداد للانخراط في النقاش والتعامل مع الأحداث والمفاهيم المجردة .

من المفيد أن يتحلى صاحب التفكير النقدي بعدة مهارات تساعده على التعلّم والتطبيق.

خطوات عملية التفكير النقدي : 

• جمع الأبحاث والمعلومات المتعلقة بالموضوع وكل شئ ذات صلة بالموضوع المراد البحث به .
• مناقشة جميع الآراء المخالفة المتعلقة بموضوع البحث .
• عرض الآراء الموافقة والمخالفة على منطق العقل والعلم وتمييز الصحيح من غير الصحيح .
• تقييم الآراء بطرق منطقية .
• ترجيح الرأي الصحيح من دون تحييز للأهواء مع تقديم الحجة والبرهان على ذلك .
• تبنّي وتقديم ماتعلّمه وماتم إكتشافه بطريقة عقلية مقنعة .

نستخلص مما سبق أن أحد أهم جوانب التفكير النقدي هو تحديد ماتهدف الى تحقيقه ثم إتخاذ قرار بناء على مجموعة من الاحتمالات ، وبمجرد توضيح الهدف لنفسك يجب استخدامه كنقطة انطلاق في جميع المواقف المستقبلية التي تتطلب التفكير الصحيح وربما قد يتعدى الامر الى اتخاذ المزيد من القرارات .

الخصال التي يتحلى بها صاحب التفكير النقدي : 

1. البحث عن الحقيقة من خلال جمع  وتقيييم المعلومات من أكبر عدد ممكن من المصادر .
2. الانفتاح وتقبل الافكار الجديدة .
3. التحليل لفهم الاسباب الكامنة وراء الاشياء .
4. المنهجية في التفكير.
5. الثقة في التفكير.
6. الفضول في معرفة الحقيقة .
7. نضج الحكم وعدم القفز الى الاستنتاجات .